محاضرات في مادة وسائل الاداء والائتمان
وسائل الاداء والائتمان S4 2023
مقدمة
المقصود بوسائل الأداء والإتمان في مدونة التجارة
نظمت مدونة التجارة وسائل الأداء والإئتمان في الكتاب الثالث منها تحت مسمى الأوراق التجارية.
ويمكن القول بداية أن التعامل بالأوراق التجارية هو تعامل قديم وليس وليد هذا العصر، وبغض النظر عن اختلاف الباحثين حول الأصل التاريخي للأوراق التجارية، فإن المؤكد أن هذه الأوراق نشأت نتيجة للأعراف التي كانت سائدة بين التجار.
وقد بدأت عملية تقنين الأوراق التجارية، أي وضعها في نصوص قانونية مكتوبة، في أوربا خلال القرن السابع عشر.
وفي المغرب ظهر أول تقنين للأوراق التجارية خلال فترة الحماية، حيث صدر ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالقانون التجاري، حيث نظم هذا القانون الأخير كلا من الكمبيالة والسند لأمر، دون الشيك الذي كان يرجع بشأنه إلى ق ل ع، والذي نظم لاحقا بظهير 25 ماي 1927.
وقد تم توحيد القانون المنظم للأوراق التجارية على الصعيد الدولي لتفادي إشكاليات تنازع القوانين حتى يسهل التعامل بها دوليا، حيث انعقد سنة 1930 مؤتمر دولي بجنيف لتوحيد قواعد الكمبيالة والسند لأمر، كما انعقد سنة 1931 مؤتمر دولي لتوحيد قواعد الشيك.
وقد تأثر المشرع المغربي بهذه الاتفاقيات الدولية، فصدر بتاريخ 19 يناير 1939 ظهيرين أحدهما عدل القانون التجاري لسنة 1913 فيما يخص الكمبيالة والسند لأمر، والظهير الآخر نظم بشكل مستقل أحكام الشيك.
وبصدور مدونة التجارة الحالية سنة 1996 فقد ألغت القوانين السابقة ونظمت الأوراق التجارية في الكتاب الثالث المواد من 159 إلى 334 والتي تشمل الكمبيالة والسند لأمر والشيك، ثم خصصت القسم الأخير من هذا الكتاب لوسائل أداء أخرى دون بيان هذه الوسائل، مستعملة عبارة عامة صالحة للحاضر والمستقبل، تشمل وسائل الأداء المتعارف عليها اليوم، وتلك التي ستظهر غدا نتيجة استخدام العلم والتكنولوجيا، حيث نصت المادة 329 من مدونة التجارة "تعتبر وسيلة أداء كل وسيلة تمكن كل شخص من تحويل أموال كيفما كانت الطريقة أو الخطة التقنية المستعملة لذلك".
والأوراق التجارية منها ما يلعب دور الوفاء والائتمان معا، وهما: الكمبيالة والسند لأمر. ومنها ما يلعب فقط دور الوفاء وهو الشيك.
والمشرع منع تغيير الوظيفة الأساسية للشيك من الوفاء إلى الائتمان بتجريمه لشيك الضمان في المادة 317 من مدونة التجارة.
وهناك وسائل أخرى للوفاء ظهرت حديثا مع التطور التكنولوجي وهي المسماة بوسائل الوفاء الالكتروني ومنها التحويل والبطاقة البنكية.
وعلى ضوء ما ذكر سنحاول في هذه المادة أن نتعرض بقدر المستطاع لوسائل الائتمان والمتمثلة في الكمبيالة والسند لأمر، ثم لوسائل الوفاء والمتمثلة في الشيك والوفاء الإلكتروني.
تعريف الأوراق التجارية
لم تضع مدونة التجارة تعريفا للأوراق التجارية، وهو نفس الموقف الذي سارت عليه أغلب التشريعات ماعدا القانون العراقي لسنة 1984 الذي عرفها بكونها:
"محرر شكلي بصيغة معينة يتعهد بمقتضاه شخص أو يأمر شخص آخر بأداء مبلغ محدد من النقود في زمان ومكان معينين ويكون قابلا للتداول بالظهير أو بالمناولة وعرفها بعض الفقه بأنها : أوراق قابلة للتداول تمثل حقا نقديا وتستحق الدفع بمجرد الإطلاع أو بعد أجل قصير".
وعرفها البعض الآخر، بكونها سندات تمثل نقودا تدفع في مكان معين وفي ميعاد معين، وتقوم مقام النقود في الوفاء بسبب سهولة تداولها.
وتسميتها بالأوراق التجارية يرجع إلى كونها نشأت بن التجار، ولكنها بعد ذلك امتدت وشاعت في المعاملات المدنية بين غير التجار.
وتحكم الأوراق التجارية مجموعة من القواعد التي تنظم الحقوق والالتزامات الناشئة عنها وهو ما يطلق عليه بالقانون الصرفي أو الالتزام الصرفي.
فالقانون الصرفي لا يعني البتة أنه قانون مستقل بذاته من ناحية التقنين وإنما اعتبر كذلك بالنظر لقواعدة القانونية التي تتميز حتى عن القواعد التجارية ناهيك عن القواعد المدنية.
ومن بين القواعد التي تميز قانون الصرف نذكر مبدأ الكفاية الذاتية، استقلال التوقيعات التظهير يظهر الورقة من الدفوع التجريد، والضمان وغيرها والتي ستكون موضوع المحاضرات المقبلة بحول الله.
والهدف من هذه القواعد هو إرساء الثقة في نفس المتعامل بالورقة كأداة وفاء وائتمان ثم تحقيق سرعة تداولها في التعامل التجاري.
وانطلاقا من تعريف الأوراق التجارية، يمكن الوقوف على أهم خصائصها فيما يلي:
خصائص الأوراق التجارية
بمعنى أن الأوراق التجارية لا تنشأ إلا إذا كانت مكتوبة، كما أنها لا بد أن تحرر وفق بيانات إلزامية نص عليها القانون، وهو ما يستتبع القول بأن الورقة إذا فقدت أحد البيانات الإلزامية فهذا يؤدي إلى فقد صفتها كورقة تجارية، حيث تصبح ورقة عادية تسري عليها القواعد العامة المحددة في ق ل ع.
وينتج عن صفة الشكلية أنه لا يجوز إثبات هذه الأوراق بالشهادة أو باليمين أو بغيرها من وسائل الإثبات، بل لا بد أن يكون الإثبات كتابة ووفق الشكل المحدد لها قانونا.
أي أنها تتداول بين التجار أو غيرهم إما بطريق التظهير أو بالمناولة اليدوية، وهذا ما يجعل تداولها سريعا يشبه تداول النقود، كما أنه تداول سهل وبسيط لا يتقيد بإجراءات وقواعد حوالة الحقوق المدنية التي تخضع لإجراءات بطيئة ومعقدة لا تتفق وما تستلزمه التجارة من بساطة وسرعة.
يشترط أن تحرر الورقة التجارية بمبلغ من النقود، فهي تمثل حقا للقديا، وتقوم مقام النقود في الإبراء من الديون.
وبذلك تخرج من عداد الأوراق التجارية السندات التي تمثل بضاعة أو سلعة، حتى ولو كانت تنتقل بنفس الطرق التي تنتقل بها الأوراق التجارية، مثل سندات الشحن ، وسندات المخازن العمومية، فهذه ومثيلاتها تعتبر سندات تجارية وليست أوراقا ،تجارية لأنها تمثل حقا ببضاعة وليست بمبلغ من النقود، رغم إمكانية تداولها بالطرق التجارية.
تمثل الورقة التجارية دينا مستحق الدفع بمجرد الاطلاع أو بعد فترة قصيرة، حسب نوع الورقة التجارية، وعادة ما يكون الأجل في حدود الثلاثة أشهر، وقد يتجاوزها إلى ستة أشهر، لكنه قلما يتجاوز السنة، وبذلك تخرج من عداد الأوراق التجارية القيم المنقولة من أسهم وسندات، لأنها و إن كانت تشبه الأوراق التجارية باعتبارها سندات تمثل دينا بمبلغ من النقود، إلا أنها تستحق بعد آجال طويلة تعادل حياة الشركة فيما يخص الأسهم أو لمدة عشر أو عشرين سنة أو أكثر فيما يتعلق بسندات القرض أو سندات الدين العام.
تمييز الأوراق التجارية عن غيرها من الأوراق المشابهة لها
الأوراق المالية أو القيم المنقولة هي الأسهم والسندات التي تصدرها شركات الأموال أو الدولة او غيرها، ويمكن بيعها في البورصة عندما يريد حاملها الحصول على قيمتها.
* التشابه: كلاهما يقبل التداول بالطرق التجارية.
* الاختلاف:
أ - الأوراق المالية أو القيم المنقولة تصدر فقط عن شركات الأموال (شركات المساهمة والتوصية بالأسهم أو عن الدولة سندات الدين العام، اما الأوراق التجارية فتصدر عن جميع الشركات التجارية او التجار العاديين أو حتى من غير التجار.
ب - الأوراق المالية لا تجري عليها الأبناك عمليات الخصم لتقلب الأسعار ويمكن بيعها في البورصة، كما أنها تصدر لأجل طويل يعادل مدة حياة الشركة فيما يخص الأسهم ولمدة عشر أو عشرين سنة فأكثر (فيما يتعلق بالسندات).
أما الأوراق التجارية فتمثل مبلغا معينا من النقود يكون مستحق الأداء بمجرد الإطلاع أو في اجل قصير، وتقوم الأبناك بخصمها.
ج - يرتب السهم عدة حقوق للمساهم، كالحق في التصويت وحضور جلسات الجمعيات العمومية .. في حين لا تترتب هذه الحقوق عن الورقة التجارية التي تمثل فقط حقا نقديا للمستفيد.
* التشابه : تتشابه الأوراق التجارية مع الأوراق النقدية من حيث أنها تعتبر مثلها أداة وفاء ولها قيمة نقدية، ويمكن تداولها بسهولة بمجرد التسليم.
* الاختلاف :
أ - تصدر الورقة النقدية عن البنك المركزي (بنك المغرب) الذي يضمن قيمتها.. أما الورقة التجارية فتصدر عن شخص طبيعي أو معنوي، وأداءها يتوقف على ملاءة الملتزمين بها.
ب - لا يمكن رفض قبول التعامل بالأوراق النقدية تحت طائلة اعتبار ذلك جريمة طبقا للفصل 609 من القانون الجنائي.
أما الورقة التجارية فلا يوجد أي الزام للتعامل بناء بحيث يمكن للأفراد رفض التعامل بما في معاملاتهم دون أن يلحقهم أي جزاء.
ج - تتمتع الأوراق التجارية بقوة إبراء مطلقة من الديون على خلاف الأوراق التجارية التي لا تبرئ من الديون إلا بعد أن يتم الوفاء بقيمتها نقدا.
د - الورقة النقدية لا تنتج عنها فائدة، أما الأوراق التجارية فيمكن أن تنتج عنها فائدة ماعدا الشيك.
هـ - يسقط الحق الثابت في الورقة التجارية بمضي المدة التي حددها القانون، في حين يبقى هذا الحق قائما لا يتقادم في الورقة النقدية ولا يبطل التعامل بها إلا بقانون.
تعليقات
إرسال تعليق
📩اكتب تعليقك اذا كان لديك أي تساؤول عن الموضوع.